ثقافة

الطوب الطيني التقليدي (التوف)

 

تزدهر صناعة الطوب الطيني في المواسم الجافة، معتمدةً كليًا على أساليب تقليدية متوارثة في مدينة النعمة وكامل منطقة الحوض الشرقي. هنا، يظل الطين والحجارة مادتين أساسيتين حاضرتين بقوة في الذاكرة والممارسة، إذ لا يزالان الخيار الأول في البناء رغم الانتشار المتزايد لمادة الأسمنت في المشهد العمراني.
اللافت أن دولًا عديدة حول العالم بدأت تتجه نحو الطين باعتباره مادة بناء ثورية للمستقبل، بفضل تقنيات حديثة غير مكلفة تُحقق مردودًا بيئيًا وماديًا مريحًا. ومن بين هذه الدول: تايلاند وفيتنام، على الرغم من أن الطين لم يكن جزءًا من إرثهما المعماري. أما الدول التي يشكل البناء بالطين جزءًا من تراثها العريق، فقد بدأت في العودة إلى هذا الموروث كخيار عملي وجمالي، وحققت في هذا المجال خطوات لافتة نحو مستقبل أكثر استدامة؛ وتُعد المكسيك في طليعة هذه الدول، كما تُحرز المغرب تقدمًا كبيرًا في هذا الاتجاه أيضًا.
الطابع الحداثي للبناء الطيني اليوم يعتمد على أدوات ضغط الهواء، التي تُحسّن من مرونة الطوب وصلابته وتُسهّل استخدامه دون أن ترفع من تكلفته، نظرًا لانخفاض كلفة هذه الوسائل، مع قدرتها على تحقيق إنتاجية أعلى مقارنةً بالأساليب اليدوية المعتمدة على الجهد البشري.
أي مبادرة أعمال خاصة في منطقة الحوض الشرقي تتبنى هذه التقنيات، يُعد نجاحها مضمونًا؛ إذ أن ارتباط السكان بتراثهم المعماري قوي ومتجذر. كما أن مؤسسات الدولة المعنية بمكافحة آثار التغير المناخي بإمكانها تبنّي هذه الوسائل دون الحاجة إلى حملات توعية مسبقة، حيث سيكون الإقبال عليها كبيرًا، ويعود بمكاسب مادية ملموسة. ليس فقط لما تقدمه من حلول مناخية واقتصادية، بل كذلك لما تسهم به في الحفاظ على الطابع المعماري الفريد للمنطقة، وترسيخ صورتها كوجهة سياحية تتميّز بجمال معمارها وتفرّده.
تجدر الإشارة إلى أن البيوت الطينية أو الحجرية تتفوق في كفاءتها الطاقية؛ فهي تقلل بشكل ملحوظ من استهلاك الطاقة. هذه البيوت تبقى باردة لفترات أطول في الصيف، ودافئة في الشتاء. يكفي تشغيل المكيّف لساعة أو ساعتين ثم إيقافه، وستحتفظ الغرفة بدرجة التبريد وكأن المكيف لا يزال يعمل، وهو ما يحقق راحة حرارية وتوفيرًا في استهلاك الكهرباء.

 

آفاق حيث تمتد حدود الخبر والرؤية!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى