ثقافة

ديمي… الصوت الذي سكن وجدان كل موريتاني

 

في رحاب الفن الأصيل، وفضاءات الذاكرة الوطنية، يسطع اسم ديمي منت آبه كنجمة لا يأفل ضياؤها، وكأغنية لا يتعب القلب من سماعها. لم تكن ديمي مجرد صوت نسائي شجي، بل كانت روح موريتانيا التي تغنّت بحب الوطن، ونسجت بأوتار الحنين خريطة شعورية جمعت بين الماضي والحاضر، بين الصحراء وعبق المحيط، بين النخلة والقصيدة.
ديمي التي وُلدت من رحم الفن، ابنة الراحل سيداتي آبه الذي وضع لبنات الطرب الموريتاني، حملت المشعل دون أن تنحني. صعدت بالموسيقى الموريتانية إلى منصات العالم، لكنّها ظلّت وفية لجذورها، تغني للمحبين، وتواسي الحزانى، وتشدو للمنفيين بأمل العودة.
حين كانت تغني، كنا نصغي لا بآذاننا فحسب، بل بقلوبنا، كأنها تسحبنا من الزمان والمكان إلى فضاء لا يسكنه إلا الصفاء. صوتها لم يكن صوتًا فنيًا فقط، بل كان دعاءً، كان وطنًا، كان امرأةً تحمل أوجاع الناس وأحلامهم، وتسكبها لحناً في كل بيت، وكل خيمة، وكل زقاق.
رحلت ديمي، لكنّها لم تغب. ما زالت تسكن الأعراس والأحزان، تهمس في ليالي السمر، وترافق كل موريتاني في وحدته وحنينه. رحل الجسد، لكنّها بقيت الصوت الذي يسكن وجداننا، يوقظ فينا ما حسبناه نام، ويعيد إلينا ما خفنا أن نفقده من هويتنا.
ديمي، يا سيدة المقامات والمشاعر، يا من عزفتِ على وتر الوطن بلحن لا يموت، شكراً لأنك كنتِ، ولأنكِ ما زلتِ، ولأنكِ ستبقين خالدة في ذاكرة موريتانيا وأجيالها.
#آفاق.. حيث تمتد حدود الخبر والرؤية!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى